سراج الليل بقلم الشاعر أحمد عثمان

سراج الليل

يأتي الليل مُهلهلاً
يحمل في طياته المجهول
ذئب شرع على أنيابه راية سوداء
يضمحل النور يُعتم المكان
سراج في أطراف الوجود
عيون دامعات وفتاة بتول
كلها صور من يومياتنا
الليل يطبق على ما حولنا
تغمرنا الرهبة
نستجمع القوى نتحد نشكل مساحة
تشبه المستطيل
هكذا نحن غدت أوقاتنا كل الليالي
نسكن الصمت .. نخاف العتمة
نتوسل نبتهل لله أن يزيل
هذه الغمة
يمضي الليل وينبلج الصبح
ينكشف البلاء في محيط الدار
نستطلع الحارات
نجلس بحيرتنا نسكب فنجان قهوتنا
بصمات من دماء
كثيراً الذهول من ليلٍ حمل معه 
رهبة الخوف
ليل اتى فيه أشباح الموت
ليل لم يترك خلفه أي سلام
هذا الليل يجب أن يموت
نظراتنا قالت هذا والسكون مطبقا حولنا
متى ينجلي ليلنا
متى الشمس تشرق في صبحنا
متى تتفتح زهرات حديقتنا
متى يقف أمام النافذة طفلنا
يرسم حمامة وسوسنه
سألتني حبيبتي
أما قلت أن يد الله فوق كل يد
أما قلت أن الله يحكم هذا الكون
أما قلت أن الله 
محبة وسلام وهو يرحمنا
حدقت كثيراً .. ساد الصمت .. هاجر الكلام
وعين امتلأت دمعاً وحزناً وآلام
قلوبنا تنبض شوقاً لماضٍ من الأيام
نحمل صوراً وكثيراً من الأحلام
صار دثار .. صارت هباءً .. صارت زوالاً
صارت حرام
يا حبيبتي 
اسكبي لي فنجان قهوتي
دعي صباحي يذهب بحيرتي
فضحانا قادم معه بشارتي
ها هو نورٌ محمولُ
نعشٌ بريقه يشع
بطل مرفوع على الأكتاف فيه الله مشغول
انظري 
شهيدٌ خلف الشهيدُ
شهيدٌ يحمله شهيدُ
بيارق نور تكلل فضاءاتنا
سماؤنا تلونت بالحمرة
بأرضنا نبتت شقائق النعمان
كل شيء تلون بالحمرة
تعالي حبيبتي نزف العريس 
فالدرب طويلٌ طويل
تعالي حبيبتي
نعمر صروحا نرسم عالمنا وعلم
هذا الماضي كله دمار وخراب
اطفال شهداء واحمرار وسواد وبياض
كل الالوان يرسمها قلم 
إلا لون العلم 
يرسمه دم الشهداء وأهل الذمم
حبيبتي 
رايتنا حمراء أرضنا سمراء
جباه أبنائنا بالنور تضاء
لا تعجبي من زمن يسوده الصفاء
هاتي اسكبي فنجان قهوتي
فالليل ولى بالتعساء هارباً
فشمسنا أشرقت والكون الآن يضاء
السماء حلقت بها بيارقنا
افرحي ..اطلقي العنان لحمامات السلام
دعيها تحوم في سماء دمشق
فوق الفرات ودجله .... في رحاب الجبال الشماء
تعانق تدمر الصحراء.. تُقبل مسرح بصرى
وتغازل النواعير بمدينة أبي الفداء
تعانق حمص الفسيفساء
تسكن ابراج قلعة حلب الشهباء 
آه حبيبتي تنهدي الصعداء
اتركي الحمى يزود عنها طيف الشهداء
حبيبتي 
مازلنا نحمل القلم والمشعل
نرسم كل شيء للمستقبل 
نعمر و نبني مادام بيدنا مطرقة ومعول
نزرع قمحا نحصد بالمنجل
تعالي نرفع صرح مدرسة ومعمل
حبيبتي
كفي ّ جدتي لم تتركا المغزل
تغزل خيطاً تحيك ثوباً خيوطه من بطولةٍ
سنارته من نار
صباغه من نور أسمته المسبل
جدتي آلاف السنين عاشت
جدتي من عشتار وقد يكون ما قبلها
وزليخة بالعشق
جدتي عفراء عبلة وليلى بالحب
والعذراء بالطهر والخنساء بالشعر 
حبيبتي 
جدتي كل النساء وفاطمة الزهراء
حبيبتي 
بتاء التأنيث أنت سورية الغراء
وفيك الفيحاء والشهباء ومنك نبت العلماء
كل الأوطان أنت
وأنت يا حبيبتي وطن الاوطان
فهاتي اسكبي لي بدلاً من قهوتي
ألف كأس من تلك الصهباء 
وليرحل الغادرين
ويبقى لنا نحن بك الف ألف بقاء

أحمد عثمان

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إلى غجرية بقلم الشاعر غسان الاستانبولي

بيلسان بقلم الشاعر غسان الاستانبولي

ارحلي ياطيور بقلم الشاعر علي نزال الشيحان