أيام محرقة بقلم الأديب عبد اللطيف خضر

أيام محرقة..
حبيبتي تنام في الأبدية 
قبرها دامس
مرت أعوام وليس مثلي من يجيد رصف الأيام
انبش ما تبقى من ثيابك في صندوق العرس
في مثل هذا اليوم هطل المطر
ولم يكن لي سواكِ من مخلوقات الرب 
وجدتك العجوز مغربة العمر 
تمضي في الصلوات الليلية زمانها الأخير
صحيح إن ذلك حدث فعلاً
الحديث من الرعب يوقف القلب 
أكاد أقول يجعل الحجارة تنتحب 
ويوم موتك 
ما انتحبت أمام الحضور 
لقد متِ في اللحظة التي كان فيها المطر ينسكب بالمجانية نفسها
انتحب المطر عني بما فيه الكفاية 
وقال المعزون كلماتهم التقليدية بإجلال مفتعل
وتحت سماء دمشق العذبة الحزينة 
شيع الفقراء نعشك بعد الصلاة عليه 
كيف حدث ذلك
من يوم إلى يوم ينسى البشر همومهم
كل فجر حابل بألم جديد
فكيف بالعام يزحم عام آخر
الناس يضحكون أما أنا فكيف انسى ذلك 
كوابيس مفزعة تتوالى كطيور سود 
متوحشة في ليالي وحدتي 
كلما حاولت التذكر والدخول في شبكة ايقاع الموت 
يجيبني حاجز الموت الأصم 
لقد ماتت وكفى
ذالك مفزعاً حتى الدهشة 
وغريباً كولادة امرأة تحت القصف
عندما كانت تلفظ انفاسها الأخيرة 
صحت كالمثكول 
نجها يا رب وانذر نفسي إليك 
آهٍ ويا ويلاه ..
كان وجهك رائعاً كالبدر وقامتك ناشبة كنخلة برية في واحة 
وأنت تخطرين أمام صبايا الحي 
كنت اسمعهم يهمثون بنشوة سرية
بنت الحرام ما أحلاها 
كنتِ جسداً بديعاً
وفي ليالي غربتي الروحية ارنم لك أغنيات ربيعية 
في العيون لم يبق دمع 
في كل مكان يوجد حب إلا هنا 
وفي كل مكان تتفتح براعم إلا هنا 
ومن اقصى الأرض إلى اقصاها ليس مثلنا في البشر من يرتب الأيام 
من يصنع منها توابيت
اسمعي يجب أن تعودي 
حدثيني عن الذي جرى
كعقاب جريح سأرنو إليكِ
وفوق سريرك المصان المغسول بالغار والصابون والمطيب بالعطر 
كل يوم كل يوم انشلح بحذائي
اهز سريرك بدعة 
حلم يا حبيبتي حلم 
عبد اللطيف خضر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إلى غجرية بقلم الشاعر غسان الاستانبولي

بيلسان بقلم الشاعر غسان الاستانبولي

ارحلي ياطيور بقلم الشاعر علي نزال الشيحان